آخر الأخبار

جانب من خلافات علي عنتر وعلي شايع مع عبدالفتاح إسماعيل و”محسن”

40 عاماً على رحيل عبدالسلام الدميني وأخويه (7)

  • زُرْتُ علي عنتر إلى مكتبه في وزارة الدفاع، فقال لي إنه اختلف مع محمد صالح الحدي

  • سألت عن السبب، فقال علي عنتر: “الحدي ما أعجبوش كلامي على عبدالفتاح ومحسن والسُّوس حق الحُجَرِيِّة”

  • صُعِقتُ، وأصابتني قشعريرة من كلام عنتر، لأننا كنا نعاني في نضالنا في الشمال، وكان ظهرنا وركيزتنا الحزب والنظام في الجنوب

  • توجهت إلى “معاشيق”، وقُلتُ لعبدالفتاح: ما هذه المشاكل؟! حرام عليكم؛ هذه ضربات تحت الحزام لنا، نحن المناضلين في الشمال، أشد قسوة من ضربات نظام صنعاء

  • بكل برودة، قال لي عبدالفتاح: “لا تشغل بالك، هذه أمور بسيطة سيعالجها الحزب. الحزب الاشتراكي قادر على معالجة جميع الصعوبات”

  • علي شايع قال: “لا تنزعج، هم فقط شوية سُوس با نعمل لهم حَلّ حاسم، ونجلسهم في بيوتهم التي أعطيناهم، ويجلسوا يُنَظِّرُوا ويقرؤوا لحالهم”

  • قال علي شايع لنا: “لا تخافوا من القبائل والأسلحة المتوسطة والثقيلة التي معها، عندما نسيطر على صنعاء سوف نبني أكبر معرض لسلاح القبائل يكون عبرة للتاريخ”

  • معرفتي بعلي عنتر وعلي شايع قديمة من سنوات الكفاح المسلح، وأقاما في منزلنا في إب، فـ “جِبْلَة” استضافت 40 أسرة من الضالع وشبوة

  • عبدالواحد المرادي، قال لنا: “لا تشغلوا بالكم بهذه الأمور سوف تُعَالج بدون مخاوف.. المهم اهتموا أنتم بمسؤولياتكم في شمال الشمال”

  • جار الله عمر، ويحيى الشامي، وأحمد علي، وحسين الهمزة، قالوا لنا: “لا تنزعجوا، الحزب موجود وسوف تقوم هيئات الحزب بالمعالجة بدون خسائر، المهم عملكم”

يحيى منصور أبو أُصبع:

قال الشيخ بن هضبان: “والله يا ولدي لو معنا دولة قادرة، وتدعمنا، نحن أبناء الجوف، بالسلاح فقط، ما يقدر السعودي يقف أمامنا شهراً واحداً، خاصة وإخواننا وأبناء عمومتنا يام الحلام معنا.. كل يوم يزورونا من يام، ويعودون”. ويواصل “بن هضبان” حديثه: “الملك عبدالعزيز لا يخاف أحداً إلا اليمنيين، أنا عرفته مرات ومرات، وهو طَمَّاع حتى بأراضي المشايخ في الإمارات وعمان وقطر والبحرين والكويت، وغيرها وغيرها، والآن أولاده، من بعده، على مسيرة أبيهم! إنهم اليوم منهمكون لنهب الربع الخالي، وهو من اليمن”.

وتابع: “قبيلة يام، ويام من قبيلة همدان بن زيد (يام وحاشد وبكيل). السعوديون يتقدمون اليوم ثم لا يجدون من يقف في وجههم، ينقلون العلامات إلى قدَّام باتجاه اليمن، وهكذا كل يوم يزحفون، وليس على الربع الخالي فقط، بل الآن يتوغلون في أراضي الجوف، وقد توغلوا كثيراً، ومن يعترض يقتلوه، ويحاولون شراء العقال والكبار بفلوسهم وبالتجارة، وبمحاولة التجنيس، ليغضوا الطرف، وهناك اليوم مشايخ حاشد وبكيل، والكبار منهم يأخذون ميزانيات ورواتب من اللجنة الخاصة، من سلطان بن عبدالعزيز لشراء سكوتهم وتنازلهم عن أي شيء، وعملاً بوصية الملك عبدالعزيز لأولاده كيف يتعاملون مع أبناء اليمن، وخاصة القبائل”. سأله د. عبد السلام الدميني: “ما هي هذه الوصية؟”، في تلك اللحظة دخل علينا الأكل، وشم وريحة اللحم يسبق الطعم، والجوع قد أخذ منا كل مأخذ. قال الشيخ بعد الأكل سنواصل الكلام.

هجمنا على الرز واللحم، وللأسف يا فرحة ما تمت؛ كان اللحم والرز نص والرملة نص، فمجرد أن تضع اللقمة في فمك لطحنها بأسنانك تتقارح الحصى وتطير الأسنان. نصحنا الشيخ أن نبلع بدون طحنها بالأسنان، وقال: “هكذا، في ظروف الأعاصير والعواصف الترابية، نصف أكلنا رمل، لأنه موجود في كل مكان”. كان الجوع أقوى من الرمل والعواصف فزردنا الرز واللحم، وكلما اختنقنا شربنا الماء، ولم يمضِ إلا وقت قصير وإذا الأطباق نظيفة إلا من العظام، ولا أعرف أنني قد تذوقت طعاماً بتلك اللذة والطعم مثل تلك الوجبة في خيمة أحد أبرز مشايخ “دَهَمْ”.

بعد الأكل، واصل الشيخ بن هضبان حديثه، ونحن نشرب الشاي بذوق رفيع لا أدري سبب طعم الشاي اللذيذ جداً رغم خفة السكر فيه. ولا شك أن الجميع قد ناله التعب والإرهاق، وخاصة بعد الوجبة الثقيلة، التي دخلت على بطون فارغة، فطلبنا تأجيل الحديث إلى فرصة أخرى من أجل التحرك والعودة من حيث أتينا.. وإذا بالدكتور عبدالسلام في غاية الفرح، فقد ملأ كراسة كاملة، وأكد أنه لا بد أن يعود إلى خيمة “بن هضبان” لاستكمال الحديث معه حول الأطماع السعودية، وحول القضايا الاجتماعية، والعرف والسِّلف القبلي.

في اليوم الثاني، عاد عبدالسلام الدميني إلى مقر إقامته في “أَرْحَب”، في منزل وقرية

محمد عبدالله محسن

الشيخ محسن أبو نشطان، ونقله شخص من “المُتُون” تربطه بـ “أَرْحَب” علاقة نسب، وهو من “بيت عبدان”، وهذا البيت (“بيت عبدان”) أسرة من “ثمين آل عبيد بن حمد” (“ذو حسين”)، وهم بالكامل في الجبهة الوطنية، وفي الحزب الاشتراكي، وبعض شبابهم في جنوب لبنان، مع الكثير من شباب القبائل الأخرى، يقاتلون سعد حداد، مع الفصائل الفلسطينية التقدمية- الجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية- وبعضهم في الكليات العسكرية مثل أبناء الجوف، وخاصة من “بَرَطْ” و”الُمُتون” و”هَمْدَان الجوف”، ومنهم الرفيق المناضل محمد عبدالله راكان، عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني اليوم. وقد عشت معهم، ومع كبارة هذه الأسر العريقة في النضال الوطني، وجلست في منازلهم، ودائماً مع محمد عرفج بن حليمان، الرجل المحبوب بين أصحابه بلا حدود.

وقد أخبرني عبدالسلام أنه ينوي الذهاب إلى عدن للقاء لجنة الحوار الممثلة للجبهة الوطنية مع الرئيس علي عبدالله صالح، والتي ظلت فترة في صنعاء، ولم يحصلوا إلا على المماطلة والتسويف في جميع نقاط الحوار، فعادوا إلى عدن. ومن المؤكد حرص عبدالسلام على استمرار الحوار، لأنه الطريق الأمثل في هذه الظروف.

تواصلنا فيما بعد، واتفقنا على الذهاب معاً إلى عدن. وصلنا عدن، وسمعنا همساً وأقاويل عن خلافات داخل الحزب الاشتراكي. كان ذلك في شهر مارس 1980م. اتصلت بمكتب علي عنتر، وطلبت مقابلته، قالوا إنه خارج عدن. اتصلت لمحمد صالح مطيع، سكرتير العلاقات الخارجية في الحزب الاشتراكي، فدعاني للغداء معه في البيت. تربطني بمحمد صالح مطيع علاقة متينة منذ عام 1966م، حين جاء إلى الشمال بعد إصابته بجروح في واحدة من العمليات الفدائية، كونه من قيادة العمل الفدائي في عدن.. وفي تعز اقترح عبدالقادر سعيد أحمد طاهر أن يؤخذ في إجازة واستراحة إلى إب، فرحب بالفكرة أحمد قاسم دماج، وأوصلهم إلى إب، وكان يرافقه سعيد عبدالوارث الإبِّي، من الفدائيين المؤسسين (وهو في الأصل من “ذِي السُّفَال”). وتلقفهم عبدالله الوصابي، المسؤول الحزبي الأول عن المحافظة، وبالصدفة كنت حاضراً الموقف والغداء في “بيت الوصابي” في إب، فقال الوصابي: “أفضل من يتولى استضافتكم وفسحتكم هو الأخ يحيى منصور أبو أصبع”. وكانت تلك أول معرفتي بمحمد صالح مطيع، وسعيد عبدالوارث الإبِّي، وكلاهما من الفدائيين؛ فرحبت وأخذتهم بسيارة أجرة أولاً إلى “جِبْلَة”، إلا أن عبدالوارث الإبِّي يفضل القرى الريفية، فاتجهنا، اليوم الثاني، إلى “الرَّبَادِي”، منطقتنا، مشياً على الأقدام، وبمراحل قصيرة، مراعاة للظرف الصحي لمطيع، وأحياناً على ظهر الحمير.

قال عبدالوارث يريد مني أن أنقلهم إلى بلاده “الجَعَاشِن”، فهو من مواطني عزلة العنسيين،

علي شايع

مديرية ذي السُّفَال، وهي واقعة تحت مشيخة الشيخ محمد بن أحمد منصور. وقضينا مع بعض أسبوعاً كاملاً نتنقل من قرية إلى أخرى حتى جاءت رسالة من تعز بعودة مطيع وعبدالوارث، وأوصلتهم إلى منزل عبدالقادر سعيد في تعز. ومن يومها ارتبطت بعلاقات متينة معهما. وكان مطيع هو الوحيد الذي يستضيفني دائماً، وأنام في بيته، وآتي إليه في أي وقت.

بعد يومين، خَزنّا، أنا وعبدالسلام، في منزل الصحفي الشهير عبدالله شرف حضر، في عدن، بحضور عدد كبير من قيادة الحزب بفرعيه الجنوب والشمال. كان المقيل كئيباً والحديث بحذر حول الداخل لأول مرة، فالمتاح الحديث حول الخارج، وبالذات عن أنجولا وموزمبيق وغينيا بيساو، وضرورة عودة الجيش اليمني الديمقراطي من أريتيريا، حيث كان يقاتل مع نظام منجتسو هيلا مريم ضد الثورة الأريتيرية.

خرجنا، أنا وعبدالسلام، فقال لي: “يبدو أن الخلاقات داخل قيادة الحزب والدولة عميقة، وقد تتحول إلى صراع.. الله يستر.. خلافات شاعت وعمت أوساط واسعة في الحزب”. قال: “ما رأيك نعود مناطقنا؟”. قُلتُ له: “ننجز بعض أمورنا وليس كلها، ونرحل”. وأعطاني قائمة فيها مطالب لوزارة الدفاع، وقال: “بحكم علاقتك الطيبة بعلي عنتر، ومعرفتك بمسؤولي الدفاع، أنجزها، وأنا سأنجز ما أقدر عليه، فأنت تعرف أن معرفتي في عدن محدودة، وبالذات من العام الماضي فقط، حيث قضيت فترة السبعينات في موسكو لأخذ الماجستير والدكتوراه (وهذا صحيح)”. ولكن عبدالسلام شاع اسمه وخبره عبر أمواج الأثير، وصار اسمه على كل لسان، وعرفتُ فيما بعد أنه لا يرغب بجره إلى مناقشات قد يختلف فيها مع الآخرين، وهو لا يريد ذلك، لأنه لا يقدر أن يصمت أو يداهن أي أفكار خارج سياق سياسة الحزب والجبهة، ولهذا فضّل أن نعود أدراجنا إلى شمال الشمال.

اتصل بي محمد صالح مطيع للغداء. ذهبت، قُلتُ له: “ما هذه الخلافات بينك وبين عبدالعزيز

محمد صالح مطيع

عبدالولي؟!”. قال: “والله خلافات ليس لها أساس فكري أو تنظيمي أو سياسي”، وتكلم كثيراً في هذا الأمر، وبموضوعية. اقترحت عليه ترتيب لقاء بينه وبين عبدالعزيز، قال: “ما عندي أي مانع”. اتصلت من عنده بـ “أبو خلدون”، محمد سعيد عبدالله (محسن)، وطرحت عليه فكرة جمع مطيع وعبدالعزيز، فقال: “فكرة سليمة، وليش لا؟!”. قُلتُ له: “مطيع موافق”. قال: “اتصل بعبدالعزيز”. اتصلت بعبدالعزيز، ويظهر أنهما كانا معاً والله أعلم. رَحَّبَ عبدالعزيز عبدالولي بالأمر، وتم المقيل في بيت عبدالعزيز عبدالولي، وبحضور “محسن”. كنا الأربعة فقط، وكانت الأحاديث طيبة ومبشرة.

في اليوم التالي، اتصلوا بي من مكتب علي عنتر إلى مقر الحزب. ذهبت على الفور. دخلت على علي عنتر، الذي أعرفه من “مؤتمر جِبْلِة”، عام 1966، وعرفته قبل “مؤتمر جِبْلَة”، في عام 1964م، حين كان في إب لغرض تدريب المناضلين من جيش التحرير ضد الاستعمار البريطاني، وكان يرتب مساكن للعوائل المشردة من الضالع. وقد أخذت “جِبْلَة” النصيب الوافر، في حدود أربعين أسرة معظمها من الضالع ومن شبوة، مثل عائلة المناضل الكبير عبدالله المجعلي، ذو الميول الناصرية. وقد أهدى أبي، حينها، رشاش شميزر حصل عليه من “بَرَطْ” أثناء تواجده في “بَرَطْ” مع “ذو محمد” أصحاب إب، للدفاع عن “بَرَطْ” مع أبناء عمومتهم “ذو محمد” ضد حصار الملكيين، وحربهم الشديدة على “بَرَطْ”.. أهدى أبي ذلك الرشاش لعلي عنتر يقاتل به الإنجليز.

رَحَّبَ بي علي عنتر، ودخل معي بالحديث الذي كنت وعبدالسلام نخشى منه. قال لي: “عاد صاحبك الحدي (محمد صالح الحدي) خرج من عندي.. وهو يتحدى أن قبائله في المناطق

علي عنتر

الوسطى أكبر من قبائلي في الضالع!”. قُلتُ له: “ليش يختلف معك محمد صالح الحدي هو صديقك ومناضل كبير؟!”. قال: “ما اعجبوش كلامي على عبدالفتاح ومحسن والسوس حق الحُجَرِيِّة”. صُعِقتُ، وأصابتني قشعريرة من كلام عنتر.. هل وصلت الأمور إلى هذا الحد؟! قُلتُ لعلي عنتر: “وليش هذا الخلاف كله؟! حرام عليكم نحن نعاني أشد المعاناة في نضالنا في الشمال، وعزاؤنا، وظهرنا وركيزتنا، الحزب والنظام والتجربة في اليمن الديمقراطية.. هذا شيء مخيف”. دخل علي عنتر بكلامه في العميق جداً، من منطلق العلاقة الخاصة بيننا، وهذا له وقت آخر إن شاء الله، وليس الآن.. وإنما ما ذكرته مجرد إشارات للأجواء غير الصحية التي كنا نتحرك فيها.

قُلتُ لعلي عنتر: “سوف أرى الآخرين، وماذا عندهم، لعلنا نقدر نخفف التوتر ونساعد على التهدئة والتفاهم”. خرجت من المكتب فاقد الوزن، مشتت الفكر، ونقلتني سيارة علي عنتر. قُلتُ للسائق: “اذهب إلى معاشيق”، دون أن أراعي أن السائق سيعود يكلم علي عنتر بذهابي على طول إلى الأمين العام، عبدالفتاح إسماعيل، لكنني كنت قد أشرت له أنني سأرى الآخرين.

وصلت “معاشيق”، ودخلت على عبدالفتاح، وقُلتُ له، بدون مقدمات: “ما هذه المشاكل؟!

حرام عليكم؛ هذه ضربات تحت الحزام علينا نحن المناضلين في الشمال أشد قسوة من ضربات نظام صنعاء”. بكل برودة، قال لي عبدالفتاح: “لا تشغل بالك، هذه أمور بسيطة سيعالجها الحزب، أنتم جئتم لتنالوا قسطاً من الراحة، فلا تدوشوا أيامكم القليلة التي ستقضونها هنا بما تسمعون. الحزب الاشتراكي قادر على معالجة جميع الصعوبات.. والآن أخبرني عن أوضاعكم في الشمال، واشرح لي وضع الجبهة الوطنية، والحزب، في أوساط القبائل، ولا تكسبوا الناس بالسلاح والوعود المادية، وركزوا فقط على العمل السياسي السلمي، وأسسوا للمستقبل، فنحن لا نقدر على منافسة السعودية والشمال بالمال ولا بالسلاح”. المهم كلام كثير.

خرجت من عند عبدالفتاح وقد أضفت عبئاً ثقيلاً على كاهلي، خرجت في وضع يشبه ذلك

عبدالفتاح اسماعيل

الذي كان على ظهره “عَاشَة” (كَنَبَة) ودخل حمام السلطان وخرج باثنتين، والمثل معروف.. إلا أنني قد أكبرت بعبدالفتاح الصبر وطول البال، وتحريم الثرثرة خارج الهيئات الحزبية.

ثم لقيت القائد والمناضل الذي يعمل بلا كلل، عبدالواحد المرادي، فقال: “لا تشغلوا بالكم بهذه الأمور سوف تُعَالج بدون مخاوف.. المهم اهتموا أنتم بمسؤولياتكم في شمال الشمال، وعليك، أنت والدكتور عبدالسلام، العودة إلى عملكم”.

لقيت جار الله عمر، ويحيى الشامي، وأحمد علي، وحسين الهمزة، كانوا مع بعض. قالوا: “لا تنزعجوا، الحزب موجود وسوف تقوم هيئات الحزب بالمعالجة بدون خسائر، المهم

عملكم”، وسألوا: “ماذا كانت نتائج لقائك بوزير الدفاع، علي عنتر؟”. قُلتُ: “حَلَّ كل مشاكلي، ولَبَّى كل طلباتي، أنا وعبدالسلام، ولم يُقَصِّر في شيء، فقط أمرضني بحديثه وخلافه مع الأمين العام، ومع محسن”. قال جار الله: “لا تتألموا مما سمعتم، أنت وعبدالسلام الدميني أعضاء لجنة مركزية ولستم قادة عاديين”.

وبالصدفة، وأنا في معسكر الفتح، التقيت علي شايع هادي، وزير الداخلية.. أنا أمشي رِجْل وهو في السيارة. نَزَل، وبعد السلام، سأل عن أمورنا، أنا والدكتور عبدالسلام، والعمل وسط القبائل، قُلتُ له: “العمل ماشي كويس، ولكن بصبر وتأنٍ وعلى مدى طويل، ولا نستعجل النتائج”. قال: “شوف، لا تخافوا من القبائل والأسلحة المتوسطة والثقيلة التي في حوزتهم، عندما نسيطر على الأوضاع في صنعاء سوف نبني أكبر معرض لسلاح القبائل يكون عبرة للتاريخ”. قُلتُ له: “جِنِّي يَشُلَّنا، هذا با يحصل يوم القيامة.. يا أخ علي شايع، بدون العمل السياسي والثقافي والتعليمي، وعلى المدى الطويل، لن تستطيعوا تحقيق شيء من هذه الأحلام”. قُلتُ له: “أخبرني، أولاً، ما هي المشاكل التي عندكم، نحن في حالة

جار الله عمر

فزع؟!”. قال: “لا تنزعج، يا شيخ يحيى، هم فقط شوية سُوس با نعمل لهم حَلّ حاسم، ونجلسهم في بيوتهم التي أعطيناهم، ويجلسوا يُنَظِّرُوا ويقرؤوا لحالهم. وأنتم أعضاء اللجنة المركزية لا بد أن تلعبوا دوراً في التخلص من هؤلاء، وبالذات أنت وعبدالسلام الدميني لتأثيركما لدينا”. قُلتُ في نفسي: “يا قافلة عاد المراحل طوال، وعاد وجه الليل عابس”.

طبعاً معرفتي بعلي شايع من سنوات الكفاح المسلح، وقد رافقته في رحلات في مديريات محافظة إب (المخادر، بعدان، جِبْلَة، السَّيَّانِي)، وكانت إب من نصيب علي شايع، والآخرين في بقية محافظات الشمال، لجمع التبرعات للجبهة القومية. كما أنه كان قد أقام في منزلنا، وفي منزل عبدالله الوصابي، وقد أقام أياماً في “النَّقِيْلِين”، في ضيافة مطيع دماج، وأحمد قاسم دماج، ولهذا لا توجد كلفة أو بروتوكول بيننا، فمدينة جِبْلَة قد استضافت أكثر من أربعين أسرة من الضالع بالأساس، ومنها عوائل وأقارب لعلي شايع هادي، ومحمد البيشي، وقائد مثيني، وعوائل من شبوة مثل عائلة المناضل الكبير عبدالله المجعلي، ذي الميول الناصرية.

وللأمانة من الناحية الشخصية، كان “شايع” دائماً يستضيفني في بيته المتواضع، هو ومحمد صالح مطيع.. هذان الرجلان من أكرم الناس، ولا ينسيان المعروف، فيما يخص الاهتمام الشخصي. وكذا سالم رُبَيِّع علي، إلا أنني لم أره إلا وهو رئيس الدولة، ولم يُقَصِّر أبداً، لكنه رئيس مشغول ودائم التنقل والترحال.

يتبع..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى