في الواجهة

قضاة اليمن في مواجهة مفتوحة مع الإرهاب الحوثي

عدن- “الشارع”:

تواصل المحاكم والنيابات في كل من محافظات إب، وتعز، وذمار، والبيضاء، وصنعاء، وصعدة، وحجة، والحديدة، شمالي اليمن، إضرابها الشامل على خلفية اختطاف وتصفية قاضي المحكمة العليا في صنعاء الخاضعة للحوثيين محمد حمران، الأسبوع الماضي.

وأفادت مصادر متطابقة، أن غالبية المحاكم والنيابات الخاضعة لسيطرة الحوثيين، توقّفت عن العمل. وامتنع القضاة عن الحضور إلى مقار أعمالهم. وسط تهديدات ميليشيا الحوثي ودعوتها للقضاة إلى الالتزام بالعمل، عبر مجلس القضاء الأعلى الخاضع لسيطرتها.

وبدأ القضاة في مناطق سيطرة الحوثيين، إضرابهم الشامل في الثالث من سبتمبر الجاري، استجابة لدعوة وجهها نادي قضاة اليمن بصنعاء. احتجاجاً على تصفية القاضي محمد حمران من قبل عصابة حوثية مساء الأربعاء الماضي.

وطالب نادي القضاة، بمحاكمة المتورطين والمحرضين على قتل القاضي حمران. حيث توجه الاتهامات إلى رئيس ما تسمى المنظومة العدلية محمد علي الحوثي بالوقوف وراء التحريض على القضاة وتسخير قناة الهوية التلفزيونية لهذا الغرض. ورفض الميليشيا حتى الآن تحويل مالكها إلى التحقيق.

وقال نادي القضاة في بيان الخميس الماضي، إن “قضاة اليمن يعيشون ما بين تهديد واعتداء وانتهاك واحتجاز واختطاف وقتل. وتعطيل للمبادئ الدستورية. كل ذلك بسبب التحريض العلني لقناة الهوية (تتبع الحوثيين ويديرها القيادي الحوثي محمد العماد). في ظل صمت مطبق يثير الشك والريبة عن أهدافه”.

وكانت ميليشيا الحوثي، قد أعلنت إلقاء القبض على المتهم بقتل القاضي حمران، وبثتت مقطعا مصورا لشخص يدعى صلاح الحمامي. زاعمة أنه المتهم باختطاف وقتل القاضي حمران.

وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية الحوثية عبد الخالق العجري، إن “المتهمين قتلوا القاضي حمران أثناء وصول رجال الشرطة ومحاصرة المنزل. وأن الجريمة وقعت نتيجة خلافات سابقة في موضوع أراضٍ ونزاعات خاصة”.

وقالت ابنة القاضي حمران وائلة محمد حمران، “شاهدت فيديو الاعتراف لأحد مرتكبي الجريمة ضد والدي القاضي محمد حمران. ولن أعلق على التناقض في حديثه والكلام غير المتسق الذي لا يمكن أن ينطلي على أحد.

وأضافت: في منشور على صفحتها في فيسبوك، “ما نريد معرفته هو ما ذكره القاتل في الثواني الأخيرة من الفيديو “إبليس الرجيم الذي خلاه يقتل”.

وتابعت: المتهم “صلاح الحمامي لم يكن سوى بندق وجه الرصاص على رأس أبي. وتجريمه وحده ما هو إلا تبرئة لبقية الأباليس الذين أشار إليهم. ومنهم المحرضين والمشاركين في النقل وأصحاب السيارات التي خطفت والبيوت التي تم التنقل بينها”.

وأردفت: “في النهاية نحن أمام جريمة تم الإعداد لها منذ فترة طويلة وتنظيمها ورسم خطوط سيرها بدقه. أي أن الفاعل لم يكن إبليس واحد بل أباليس كثيرة”.

وطالبت، بـ “توسيع دائرة التحقيق لمعرفة ومحاكمة كافة المتورطين في جريمة القتل صغيرا كان أو كبيرا. واستكمال التحقيقات كاملة مع كل المتهمين والمحتمل تورطهم في الجريمة قبل إرسال ملف القضية للمحكمة”.

وفي منشور سابق لها، قالت: “أعيش وأسرتي فاجعة مقتل أبي القاضي العلامة محمد حمران، وما زال القاتل محمد العماد بصوته وكلماته يتبجح في بشاعة فعلته. يتعامل مع جريمة القتل بجريمة التبرير لهذه الحادثة الشنيعة التي هزت كل أرجاء اليمن”.

وأضافت: “حاولت وأسرتي تجاهله بعد أن أغرقنا حزن مقتل أبي. لكن استمراره في الكتابة والتشهير والتحريض على والدي الراحل وعلى بقية الشرفاء من أبناء هذا البلد دفعني لكتابة هذه الكلمات. لأن من قام بالجريمة ليس فرد. القتلة مجموعة من السفلة منهم من حرض ومنهم من هدد ومنهم من حمل السلاح ومنهم من خطف ومنهم من أطلق الرصاص. ومنهم العماد الذي استمر في فعل القتل حتى بعد ارتكاب الجريمة”.

وزادت: “محمد العماد (صاحب قناة الهوية الحوثية) ظاهرة صوتية قاتلة، ظهرت في فترة التخلف الإعلامي الذي تعيشه اليمن لتشكل مستنقع دعائي عملها وشغلها الشاغل هو ممارسة وظيفة الدولة، ليظهر وكأنه هو من يقوم بنشر الحقيقة. وأنه القضاء بدل القضاء مستغلا الحالة التي تعيشها البلاد”.

واستطردت: “لم يكن المساس بالسلك القضائي بهذه البلادة المطلقة إلا هتك واضح لحرمة وهيبة السلك القضائي. الذي يعد هو ملجأ الناس جميعا في إحقاق الأمن والأمان والعدل”.

وتابعت: “ترك محمد العماد يبطش بيده يمنة ويسرة ويستخدم منابره الإعلامية كان سببا في مقتل والدي القاضي العلامة محمد حمران، ولن تتوقف ظاهرة استباحة حرمة القضاء. ولن يتوقف هذا الاستهداف السافر لحرمة الدم ما لم يتم التعامل بحزم مع محمد العماد وأمثاله. ولن يكون أبي هو الأخير في قائمة الضحايا من القضاة”.

واعتبر الحزب الاشتراكي اليمني، ما تعرض له القاضي حمران رسالة إرهابية بكل المقاييس موجهة ضد كل القضاة. وكل المحامين في اليمن وضد سلطات الضبط القضائي عموما. وفق ما نقله موقع الحزب الرسمي عن مصدر قيادي مسؤول الأحد الماضي.

وطالب الحزب الاشتراكي بالتحقيق السريع والشامل الذي يكشف عن كل تفاصيل ملابسات قضية اختطاف وتصفية القاضي محمد أحمد حمران.

ونقلت صحيفة “الشرق الأوسط” عن القاضي صادق أحمد، قوله، إن “العاملين في الجهاز القضائي طالبوا مجلس القضاء بالاستقالة؛ لأنه أصبح الأداة التي تُستخدم لضرب القضاة والتدخل في عملهم. ومحاولة ما تسمى «المنظومة العدلية» تحويلهم إلى مجرد موظفين لدى السلطة التنفيذية. والسكوت على مصادرة رواتبهم ومستحقاتهم، وفوق ذلك السماح لمحطة تلفزيونية ممولة من الحوثيين للتشهير بهم والتحريض عليهم”.

أما المحامي رضوان سعيد، فطالب بأن يكون ثمن دم القاضي محمد حمران هو إزالة مجلس وقيادات القضاء الحاليين. وإلغاء لجان محمد الحوثي العدلية والعسكرية وما شابهها.

ويرى المحامي عبد الرقيب الحيدري، أن فرض ما يسمى «المنظومة العدلية» على رأس السلطة القضائية هو أكبر انتهاك لسلطة القضاء واستقلاله ومخالفة للدستور وقانون السلطة القضائية وأساس وجود القضاء ورسالته. وفقا لما أوردته “الشرق الأوسط”.

وقال: “مثلما اتخذ نادي القضاة قرار تعليق أعمال القضاء على خلفية جريمة خطف وتصفية القاضي حمران. فإن الإضراب وتعليق العمل القضائي حتى رفع يد ما يسمى «المنظومة العدلية» وتدخلها في أعمال القضاء والتأثير عليها لا يقل أهمية عن الجريمة. بل إن هذا التسلط والتدخل والتأثير على أعمال القضاء من قِبل السلطة التنفيذية أياً كانت طبيعتها هو مفتاح كل استهداف للقضاء وسلطاته ومكانته واستقلاله”.

وكانت نقابة المحامين اليمنيين أكثر وضوحا في مساندتها مطالب القضاة ومواجهة منظومة الحوثي. حيث قالت في بيان صادر عنها الخميس الماضي، “من الخطأ والمعيب أن يتوقف الأمر عند حدود محاكمة الجناة المنفذين للجريمة النكراء فقط لتهدئة الرأي العام وإسدال الستار على هذه الجريمة”.

وأوضحت، أن المتعين هو ضبط ومساءلة ومحاسبة كل من ساهم وتورط في الجريمة بأي صورة أو طريقة كانت؛ حتى لا يتكرر ارتكاب تلك الجرائم “ما دام أن حملات التحريض والتشويه والتشهير العلني التي تمارسها الصحافة مستمرة”.

وأضافت، أن “مما ساهم في الإخلال بهيبة القضاء وأدى إلى التمادي في حقه والإساءة إليه والتشهير به بصورة علنية، بل وبما بات يمثل تدخلا غير مشروع في القضايا وفي شؤون العدالة، هو ما تم ويتم إنشاؤه من كيانات أو منظومات عدلية خارج الأطر القانونية لتتولى مهام متعلقة بالعدالة وسبل تحقيقها. حيث باتت تعتبر نفسها سلطة فوق سلطة القضاء خلافاً لما أكدته المــادة (149) من الدستور”.

وشددت، النقابة على وجوب الوقوف بكل حزم ومسؤولية إزاء الجرائم عموما والجرائم التي تطال العاملين في القضاء خصوصا. معتبرة ذلك “ينذر بمقدمات كارثية في غاية الخطورة، وسيكون لها تداعيات كارثية على الأمن والاستقرار والعدالة”.

وقالت، إن “المنظومة العدلية تستهدف السلطة القضائية منذ زمن، وتنتهك الدستور. وصارت دولة فوق الدولة وسلطة فوق الدستور من دون أي حق وتفتقد المشروعية. وتمادت في الإساءة للقضاء وكسرت هيبته، وشهرت به”.

والمنظومة العدلية، هي لجنة تضم المؤسسات القضائية والأجهزة الأمنية، برئاسة القيادي الحوثي محمد علي الحوثي. الذي كان يرأس ما تسمى باللجنة الثورية الحوثية، عقب سيطرة الميليشيا على صنعاء في سبتمبر 2014، وكانت مهمتها إدارة كافة المؤسسات الحكومية عبر ما يعرف بالمشرفين التابعين لها.

وأنشأت ميليشيا الحوثي “المنظومة العدلية”، أواخر العام 2020، وبدأت مهامها بتنفيذ حملة على الأمناء الشرعيين، (محرري العقود والوثائق)، واستبدالهم بأشخاص من المقربين لمحمد علي الحوثي ووفق شروطه.

وفي الآونة الأخيرة، منعت الميليشيا الحوثية عبر منظومتها العدلية، القضاة من تحرير عقود البيع والشراء، وألزمتهم  بالاستعانة بالأشخاص الذين عينهم محمد علي الحوثي.

كما تبنت هذه المنظومة الحوثية، حملة تشهير ضد القضاة ودعوات لإقالة ومحاكمة العديد منهم بتهم الفساد، وإسقاط الحصانة القانونية عنهم. ومنتصف الشهر أغسطس الماضي، أعلن محمد علي الحوثي، تعليق عمل 70 قاضيا من العاملين في النيابات تمهيدا لمحاكمتهم.

وفتحت جريمة تصفية القاضي محمد حمران باب المواجهة بين منتسبي السلطة القضائية والمنظومة العدلية الحوثية وممارساتها الإرهابية على مصراعيه، في معركة غير متكافئة وساحة تهيمن فيها الميليشيا على كل مقدرات ومؤسسات الدولة، في مناطق سيطرتها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى