“الشارع- مونت كارلو الدولية/ أ ف ب:
بعد عام ونيّف من وصولهن إلى فرنسا هربا من الفوضى في بلدهن، تروي ممثلات أفغانيات شابات على خشبة المسرح في مدينة ليون قصة المنفى القسري و”الحلم” بأفغانستان عصرية.
تتراوح أعمار الشابات بين 19 و25 عاما، وقد حصلن على صفة لاجئات سياسيات، ومعظمهن مسجلات في الجامعة ولبعضهن وظيفة جانبية.
وبينما يدلين بمقابلات بوجود مترجم حتى يتمكنّ من التحدث بلغتهنّ الأم، الداري، تؤشر ابتساماتهن وإيماءاتهن وأحياناً نظراتهن إلى أنهن غالباً ما يفهمن السؤال قبل ترجمته.
فريشته، شغوفة، عطيفة، حسنية وأخريات… تسع شابات اكتشفن هواية المسرح في سن المراهقة تحت إشراف المخرج المحلي الشاب نعيم كريمي، وهو أيضا في المنفى. لم يكن أفراد عائلاتهن ينظرون بإيجابية إلى شغفهن المسرحي، وكان عليهنّ إقناعهم بالسماح لهن بالمشاركة في التمارين… ثم السماح لهن بالذهاب إلى المنفى. وقد بقيت بعض صديقاتهن في أفغانستان.
في عرضهن الذي يحمل عنوان “الحلم الضائع” وجرى إعداده مع مسرح الجيل الجديد في ليون، تستحضر الممثلات الشابات الذكريات السعيدة بالكلام، ثم تنهمر دموعهن عند التطرق إلى عودة حركة طالبان إلى الحكم في آب/أغسطس 2021.
وتعبّر الممثلات عن الحنين لبلدهن، ويتحدثن عن المنفى بعيداً عن “طغيان فرضته الظلامية”، ويؤكدن أملهن في إعادة بناء مجتمع يرقى إلى مستوى أحلامهن يوماً ما.
وتقول إحدى الممثلات في المسرحية المقدمة بلغة الداري مع ترجمة فرنسية “بلدنا العزيز، ألا تشعر بالوحدة من دون أبنائك الذين رحلوا عنك؟”.
تتحدث عطيفة عزيزبور لوكالة فرانس برس عن فترة ما قبل مغادرة أفغانستان. وتقول “كنا خائفات للغاية، لكن خوفنا لم يكن مرتبطاً بفكرة العيش في فرنسا، بل بالوضع في بلدنا”.
وأثناء السفر إلى فرنسا، في ظروف بالغة الصعوبة، بدأت مشاعر متضاربة تظهر لديهن. وتقول إحدى الممثلات على الخشبة “أنا صغيرة جداً على هذه الرحلة”.
“ذهاب بلا إياب”
نجحت الأفغانيات الشابات هاتيك في بلوغ فرنسا بدعم من شبكة تضامن أطلقتها الفنانة الأفغانية كبرى خادمي لمساعدة الفنانين في بلادها. وشارك مدير مسرح الجيل الجديد في ليون جوريس ماتيو في المبادرة اعتباراً من تموز/يوليو 2021، قبل شهر من انسحاب القوات الأميركية وعودة طالبان.
لكن “رسائل الدعوة” التي تلقّينها إلى فرنسا تحولت “تذكرة ذهاب بلا إياب نظرياً”. ويقول مدير المسرح الذي استقبل الفرقة “اكتشفنا بسرعة كبيرة أن دورنا كان أولاً وقبل كل شيء مرتبطاً بالاستضافة والمساعدة في الاندماج من خلال تعزيز دروس اللغة الفرنسية”.
وتركز العام الأول في فرنسا على “الاهتمام” بالأفغانيات الشابات “للسماح لهن بالعيش بشكل أفضل قليلاً” و”التفكير بهدوء في المستقبل”. وفي مرحلة لاحقة، تقوم الخطوة الثانية على منحهن القدرة على التعبير عن أنفسهن “وتكوين ظروف تتيح لهن نقل رسالة هنا”.
ابق على اطلاع دائم بالأخبار الدولية أينما كنت. حمل تطبيق مونت كارلو الدولية
وتقول فرشته أكبري، وهي إحدى هاتيك الممثلات، “لم نكن نعرف بالضبط ما الذي سنفعله هنا”، ولكن مع اللقاءات بالمتخصصين في المسرح، “تغير كل شيء بالنسبة لنا”.
وتوضح “بدأنا في تعلم اللغة الفرنسية ومراقبة أسلوب تقديم الأعمال المسرحية في فرنسا”، مضيفة “نريد أن نظهر جمال تاريخ بلادنا وثقافتها، وأن نكون صوت المرأة التي لم تعد قادرة على العمل والحضور في المجتمع”.
وتحتفظ الممثلات الشابات جميعهن بأمل قوي في العودة يوماً ما إلى أفغانستان. وتقول عطيفة عزيزبور “نحن الجيل الذي أُجبر على مغادرة البلاد، ولكن لدينا مسؤولية” تجاه من بقوا في البلاد.
ويربط المخرج نعيم كريمي “تقدم” بلاده قبل عودة طالبان، بـ”المهاجرين الذين غادروا أفغانستان وتعلموا أشياء في بلدان مختلفة وعادوا إلى ديارهم”.