آخر الأخبار

“غزوة جبل حبشي”.. إرهاب “إخواني” مدعوماً بإمكانيات “الدولة” وسلطات رئيس ضعيف

  • شاركت فيها دبابة، و4 مدرعات، وأكثر من 40 طقماً عسكرياً وأمنياً محملة بمئات الجنود والمسلحين

  • قبل يومين من اقتحام المديرية، وصلت إلى “نقطة المفرق” شاحنة محمية بمسلحين وجنود من الشرطة العسكرية، رفضوا السماح بتفتيشها في النقطة

  • اختلق “الإخوان” مسرحية لتبرير اقتحام المديرية، وروجت وسائل إعلامهم لكذبة تعرض مدير الشرطة العسكرية لمحاولة اغتيال في النقطة

  • شنت وسائل الإعلام “الإخوانية” حملة تشهير ضد توفيق الوقار، وصفته فيها بـ “المتمرد”؛ كمقدمة لتبرير اقتحام المديرية وقتله

  • المحافظ وجه بتشكيل لجنة للتحقيق في مزاعم محاولة الاغتيال، إلا أن “الإخوان” اقتحموا المديرية صباح اليوم التالي دون تنفيذ توجيه المحافظ

  • هاجمت “مليشيا الإخوان” نقطة “مفرق جبل حبشي” وقتلت قائدها وجنديين من أفراده، ثم هاجمت إدارة أمن المديرية ونهبت ما فيها وقتلت امرأة وأصابت مدنيين

  • كان في سجن المديرية 9 سجناء متهمين بجرائم قتل وأعمال تقطعات وسرقات، وحملة “الإخوان” أطلقت سراحهم لأنهم جنود في الألوية الخاضعة لسيطرتها

  • توفيق الوقار، بنبرة حزينة: لو كان الشهيد القائد موجوداً ما كان حصل لنا الذي حصل

يوم 7 أغسطس الماضي، وصلت شاحنة نقل “دينا” عليها حمولة غير معروفة، ويرافقها
“طقمان” (سيارتان عسكريتان)؛ الأول عليه نحو عشرة جنود من أفراد الشرطة العسكرية، فيما على الثاني ما لا يقل عن عشرة مسلحين بلباس مدني. وصلت الشاحنة إلى نقطة التفتيش الأمنية المتمركزة في “مفرق جبل حبشي”، والتي تتبع إدارة أمن مديرية جبل حبشي، ويتمركز فيها جنود تابعون لتوفيق الوقار([1]).

أراد جنود النقطة تفتيش الشاحنة، إلا أن الجنود والمسلحين المرافقين لها رفضوا ذلك، واشتبكوا مع جنود النقطة الأمنية. مرَّت الشاحنة من نقطة التفتيش دون تفتيشها، ودون معرفة ما فيها. توجهت الشاحنة إلى مدينة تعز؛ إلى مناطق سيطرة “مليشيا الإخوان”.

مدير أمن مديرية جبل حبشي، وجَّه رسالة/ مذكرة إلى مدير أمن محافظة تعز، قال فيها: “وصلت إلى نقطة جبل حبشي دِينَّا محملة، ويرافقها طقم مدني عليه مسلحين، الساعة الرابعة والنصف عصراً يومنا هذا الجمعة، الموافق 7/8/2020م، وعند طلب أفراد الخدمة في النقطة تفتيش الدينا، انتشر المسلحون وأطلقوا النار على أفراد النقطة، وحضر طقم تابع للشرطة العسكرية، وباشر الأفراد الذين عليه بإطلاق النار على جميع المتواجدين في النقطة من المسلحين الذين على الطقم المدني، وأفراد النقطة، ومرت الدِّيَنَّا دون أن يتم تفشيها برفقة الطقمين المرافقين لها باتجاه المدينة”.

وأضاف توفيق الوقار، في رسالته، مخاطباً مدير أمن المحافظة: “مع العلم أن طقم الشرطة العسكرية مكان تواجده في نقطة البيرين (التابعة لمديرية المَعَافر)، وكان يرافق الدِّيَنَّا، ويمر خلفها على مسافة قريبة.. هذا ما لزم الرفع به إليكم والتوضيح للتحري عن حمولة الدينا”. وأرسل توفيق صورة من المذكرة إلى كل من وزير الداخلية، ومحافظ محافظة تعز، وقائد محور تعز العسكري، ووكيل المحافظة لشؤون الدفاع والأمن.

في اليوم ذاته، اختلق “الإخوان” مسرحية محاولة اغتيال قائد الشرطة العسكرية في تعز، محمد الخولاني، من قبل جنود نقطة التفتيش المتمركزة في “مفرق جبل حبشي”. تم ذلك، بهدف التغطية على الفضيحة التي جرت، وتبرير عملية اقتحام المديرية والسيطرة عليها بالقوة. ولعبت وسائل الإعلام “الإخوانية” دوراً في المسرحية، إذ روجت لكذبة محاولة الاغتيال، وشنت حملة تشهير كبيرة على توفيق الوقار، وصفته فيها بـ “المتمرد”!

اليوم التالي (8 أغسطس)، وجَّه محافظ محافظة تعز، نبيل شمسان، برقية، برقم (694)، إلى وكيل المحافظة لشؤون الدفاع والأمن، اللواء عبد الكريم الصبري، تضمنت أمراً بـ “تشكيل لجنة برئاسته وعضوية كلٍّ من: مدير الاستخبارات العسكرية، ونائب مدير عام الشرطة، ورئيس قسم الاعتداء والقتل في البحث الجنائي، للتحقيق في الاعتداء الذي تعرض له قائد الشرطة العسكرية، في مفرق جبل حبشي (خلال اليوم السابق) وموكب مدير عام مكتب الضرائب (في نفس اليوم التي صدرت فيه المذكرة)”.

رغم توجيه المحافظ، إلا أنه لم يتم التحقيق في ما جرى، كما لم يتم التوجيه بالتحقيق في ما تضمنته رسالة مدير أمن مديرية جبل حبشي. لم يتم القبض على الجنود الذين كانوا على متن “طقم” الشرطة العسكرية، والمسلحين المدنيين الآخرين، كما لم يتم معرفة ما كان على “الدينا”، التي يبدو أنها كانت محملة بأشياء ممنوعة ومهربة.

وهناك وقائع أخرى تؤكد أن قادة الجيش ومليشيا حزب الإصلاح في تعز متورطون في عمليات التهريب؛ تهريب السلع لتجار، وتهريب أسلحة ومشتقات نفطية لمليشيا الحوثي.

توجيه محافظ تعز ظل حبراً على ورق، فالقرار كان قد حُسِم من قبل سلطة الأمر الواقع في المحافظة: تصفية توفيق الوقار، بحجة أنه “متمرد على الدولة” (دولة جماعة الإخوان طبعاً)، والسيطرة الكاملة على “جبل حبشي”، وبقية مديريات “الحُجَرِيِّة”، لحماية عمليات التهريب دون منغصات. ومن أجل ذلك، حشد “الإخوان” مليشياتهم، ومئات من القوات العسكرية والأمنية الخاضعة لسيطرتهم، بينهم مطلوبون أمنياً، وجرى الدفع بهم لاقتحام مديرية جبل حبشي، والسيطرة عليها.

صباح اليوم التالي لتوجيه المحافظ (صباح 9 أغسطس)، تم تنفيذ المخطط “الإخواني”؛ اقتحام المديرية؛ دون الحصول على توجيه من محافظ المحافظة للقيام بذلك، وبالمخالفة للتوجيه الصادر عنه في اليوم السابق. جرى إخراج حملة عسكرية مليشاوية لتصفية توفيق الوقار دون حتى التحقيق في ما جرى، أو الاستماع لما قال.

دبابة، و4 مدرعات، وعشرات الأطقم العسكرية والأمنية، شاركت في “غزوة جبل حبشي”. وكان الجنود والمسلحون بالمئات. في البداية، هجمت “حملة الإخوان” على نقطة التفتيش الواقعة في “مفرق جبل حبشي”. “مليشيا الإخوان” سيطرت على هذه النقطة، وقتلت قائدها المساعد رضوان مهيوب حسن، كما قتلت الجنديين التابعين له، ماجد نعمان الظهري، وعمرو محمد سيف الحساني([2])،اللذين “قاتلا مليشيا الحوثي الانقلابية منذ أول طلقة في مدينة تعز، ولم يحصلوا على أرقام عسكرية”؛ كما قال توفيق الوقار. كذلك، قاتل رضوان مهيوب مليشيا الحوثي منذ أول طلقة مقاومة في تعز، عام 2015. الثلاثة قاتلوا مليشيا الحوثي طوال سنوات، ثم قُتِلوا برصاص من يفترض بهم رفاقهم في السلاح!

كان في النقطة أقل من عشرة جنود من أفراد توفيق الوقار. مع ذلك، هاجمتهم “مليشيا الإخوان” بدبابة ومدرعات، وأكثر من أربعين طقماً عسكرياً وأمنياً عليها أكثر من 400 مقاتل.

بعدها، اقتحمت الحملة مركز المديرية (يَفْرُس)، وهاجمت مبنى إدارة أمن المديرية فيها، بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة. وبسبب ذلك، تعرضت عدد من منازل المواطنين، القريبة من مبنى إدارة الأمن، للقصف والرصاص، ما أدى إلى مقتل امرأة، وإصابة مدنيين، بينهم نساء وأطفال.

اقتحم مسلحو “مليشيا الإخوان” مبنى إدارة أمن المديرية، ونهبوا ما فيه، وأفرجوا عن عدد من الذين كانوا سجناء فيها على ذمة قضايا وجرائم جنائية. بعدها، اقتحموا منزل توفيق الوقار، ومنازل أسرته، وقاموا باختطاف والده وأحد أخوته، وآخرين من أهالي المديرية.

وقال توفيق الوقار لـ “الشارع”، إنه تم، يوم الحملة، اعتقال واختطاف خمسة من جنوده، وهم: “هيثم مهيوب قائد الوقار (أخوه)، وعبدالله عبدالملك الوقار، وبشير سعيد مهيوب حسان، وتوفيق مهيوب حميد الفارعي، وأحمد مهيوب عبدالله الحوتة”. وبعد ذلك، جرى اعتقال أخيه خليل مهيوب قائد الوقار.

وقال الوقار: “كان هناك في سجن إدارة أمن المديرية عددٌ من السجناء الذين كنا قد ألقينا القبض عليهم بسبب ارتكابهم جرائم متعددة، وهم يتبعون ألوية عسكرية ووحدات أمنية في تعز، ومليشيا الحشد الشعبي، وألقينا القبض عليهم لأنهم متهمون بجرائم قتل، وقاموا بأعمال تقطعات وعمليات اختطاف ونهب وسرقة، وكنا على وشك استكمال التحقيقات معهم، وجمع الاستدلالات في جرائمهم، وإحالتهم إلى النيابة، إلا أن الحملة التي اقتحمت المديرية، وسجن إدارة الأمن فيها، أفرجت عنهم، وصاروا طلقاء وذلك خطر على المجتمع”.

وأضاف: “أولئك السجناء كانوا تسعة، وهم جنود في وحدات تابعة لمحور تعز، والشرطة العسكرية في المحافظة، وتم إطلاق سراحهم بعد اقتحام مبنى إدارة أمن المديرية، وهم: منيف أحمد عبده غالب (جندي في كتيبة المهام الخاصة التابعة لمحور تعز العسكري بقيادة حمزة عبدالواسع شداد، نجل مدير مكتب التربية والتعليم في المحافظة، والقيادي البارز في حزب الإصلاح)، ومحمد عبده سعيد سعد، جندي في اللواء 17 مشاة، ووليد عبدالجليل سيف، جندي في الشرطة العسكرية، وياسين محمد راجح الفاتش (أحد المتهمين بجريمة قتل المواطن عماد محمد طاهر، التي حدثت قبل أسبوعين بعد عملية أطلاق سراحه)، وإبراهيم علي منصور، جندي في اللواء 22 ميكا، وعبده عبدالله أحمد سعيد، جندي في اللواء 22 ميكا، إضافة إلى فضل أحمد قائد البريهي، ونجله محمد، ومالك حسن محمد حسان، والثلاثة الأخيرين من مليشيا الحشد الشعبي”.

وتابع: “المدعو منيف أحمد عبده غالب هو من اختطف والدي في تعز، وأخفاه في خطوط التماس مع مليشيا الحوثي، ومنيف هذا عليه أكثر من قضية، آخرها قيامه بالتقطع لسيارة تابعة لمنظمة الإغاثة العالمية، وتم ضبطه وإرساله إلى السجن المركزي، حسب توجيهات النيابة، إلا أن مدير عام المديرية، فارس المليكي (القيادي في حزب الإصلاح) أخرجه من السجن بدون علم النيابة، ثم عاد لممارسة التقطع مرة أخرى، وتم ضبطه، قبل اقتحام مليشيا الحشد الشعبي للمديرية، والتي أطلقت سراحه، وهو الآن طليق مع بقية المتهمين”.

بعد الحملة مباشرة، استخدم “الإخوان” سلطة “الدولة”، مجدداً، وأصدروا قراراً أقالوا فيه توفيق الوقار من منصبه، وعَيَّنوا أحد أتباعهم (طه البركاني) بدلاً عنه، في إدارة أمن المديرية.

بنبرة حزينة، يقول توفيق الوقار: “أيام القائد الشهيد عدنان الحمادي، كُنتُ أقوم بمواجهة مليشيا الحوثي، وأداء دوري الأمني بثقة، لأن ظهري آمن، ومعي رجل دولة بحجم وطن. بعد استشهاد القائد خرجوا لنا (الإخوان) بالدبابات والمدرعات. لو كان الشهيد القائد موجوداً ما كان حصل الذي حصل لنا في شهر أغسطس”.

  • شارك في الحملة مطلوبون أمنياً في قضايا جنائية وعمليات إرهابية

مدير أمن مديرية جبل حبشي، المقدم توفيق الوقار، طالب نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية، أحمد الميسري، بتشكيل لجنة للتحقيق في الهجوم الذي شنته قوات محور تعز العسكري ومليشيا حزب الإصلاح، “بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة”، على مبنى إدارة أمن المديرية، واستيلائهم عليها بالقوة.

وقال “الوقار”، في مذكرة رسمية وجهها، في 13 أغسطس الماضي، إلى الميسري، إن غضب قيادات المحور العسكري، والشرطة العسكرية في المحافظة، عليه “يرجع إلى أسباب عديدة أبرزها القبض على عناصر إرهابية تنتسب لجماعة الإصلاح، متهمة في جرائم جسيمة نفذتها في نطاق المديرية، ورفضنا الإفراج عن تلك العناصر بضمانات شخصية من قبل قياديين في الجماعة”.

وأضاف: “عدد من الممارسات التي تقوم بها جماعة المحور أثارت سخط المواطنين، ومنها عملها على فرض نقاط غير شرعية في مدخل مديرية جبل حبشي، وصولاً إلى المناطق المحاذية للمناطق الخاضعة لسيطرة الانقلابيين، وتمارس عناصر هذه النقاط النهب والتقطع للمواطنين والمنظمات الإنسانية، وتهريب المشتقات النفطية وغيرها من المواد”.

وتابع: “بعد تقدم المواطنين ببلاغات وشكاوى لشرطة المديرية، نفذت [شرطة المديرية] حملة أمنية، وألقت القبض على تلك العناصر، وباشرت التحقيق مع أفراد العصابة، والتعرف عليهم، اتضح انتسابهم لبعض المؤسسات العسكرية، التي يقودها قيادات عسكرية تنتمي لجماعة الإخوان، وتم تسليمهم للشرطة العسكرية”.

واستطرد: “استمراراً لتنفيذ المخطط الإخواني لإسقاط مديرية جبل حبشي تحت سيطرتهم ومنافذها الاستراتيجية، تذرعت بحادثة محاولة اغتيال قائد الشرطة العسكرية، فقاموا بإخراج قوة عسكرية للسيطرة على المديرية، ورفضوا توجيهات المحافظ بالانسحاب، وأرسلوا حملة عسكرية مشتركة تابعة للشرطة العسكرية، واللواء 17 مشاة، وشرطة المحافظة، معززة بعناصر أخرى تابعة للحشد الشعبي، يقودها المدعو عبد الهادي المحجري، وهو أحد المطلوبين أمنياً، ومتهم بعمليات إرهابية واختطاف أفراد الأمن، وقاموا بمحاصرة مبنى الشرطة واقتحامه والسيطرة عليه ونهبه”.

وقال توفيق الوقار، في المذكرة: “بعض من شاركوا في الحملة العسكرية المشتركة، تم القبض عليهم سابقاً من قبل الشرطة، وأفرج عنهم بضمانات من جماعة الإصلاح، ومنهم المدعو أبو الوليد، وحاتم البركاني، وعبد الغني الوافي، وهشام عبده هزاع، وجميل نصر، ومعاذ سيف المقبلي”.

وأضاف: “العمل الإجرامي الذي نفذته ميليشيا الحشد الإخواني العسكرية ليس له أي مسوغ قانوني، أو مبرر شرعي، أو سند في اللوائح والأنظمة العسكرية، ولم يكن هناك أي تخويل أو موافقة أو توجيه أو الرجوع لرئيس اللجنة الأمنية، محافظ المحافظة، خَوَّل لهم الإقدام على ذلك الزحف وإسقاط المديريات والمؤسسات العسكرية التابعة للشرعية واحدة تلو الأخرى بسلاح واسم الشرعية، الأمر الذي لجأنا معه إلى عرض تظلمنا وتفاصيل الصلف الذي يسعى لإسقاط مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية”.

  • إرهاب “إخواني” مدعوماً بإمكانيات “الدولة” وسلطات رئيس ضعيف

ـ لم يكن بإمكان “الإخوان” السيطرة على اللواء 35 مدرع، و”الحُجَرِيِّة”، إلا بالتخلُّص من العميد عدنان الحمادي

ـ كان اغتيال الحمادي أولوية لدى “الإخوان”؛ فببقائه حياً لم يكن بإمكانهم ابتلاع لوائه العسكري، والريف الجنوبي لتعز

ـ تطورات الأحداث تؤكد ذلك؛ فبعد مرور نحو 8 أشهر من اغتيال الحمادي، استطاع “الإخوان” تحقيق ما سعوا إليه

ـ دفعوا آلاف المسلحين إلى “الحُجَرِيِّة”، وشرعوا في مهاجمة مواقع اللواء 35، ومنازل أبرز قادته وضباطه

ـ هاجموا منزل رئيس عمليات اللواء 35، واختطفوا ابنه، الدكتور أصيل، وأعدموه ذبحاً بعد أن مَثَّلوا بجثته وقَطَّعُوا بعض أصابع يده

منذ وقت مبكر، بدأت جماعة الإخوان المسلمين العمل على مخطط السيطرة على اللواء 35 مدرع و”الحُجَرِيِّة” بشكل عام. ولم يكن ذلك ممكناً إلا بالتخلص من العميد عدنان الحمادي. لهذا كان اغتيال الحمادي أمراً ضرورياً وأولوية لازمة لدى “الإخوان”؛ فببقائه حياً لم يكن بإمكانهم ابتلاع اللواء العسكري الذي بناه، والريف الجنوبي لتعز. والشاهد على ذلك تطورات الأحداث التي جرت بعد تخلُّصهم من الرَّجُل. فبعد مرور نحو ثمانية أشهر من اغتياله، سيطرت مليشياتهم، والقوات الخاضعة لهم، على اللواء 35 مدرع، وعلى “الحُجَرِيِّة”، ووصلت إلى عمق مناطق “الصبيحة” في محافظة لحج، واستحدثت لنفسها مواقع عسكرية تطل عليها وعلى باب المندب.

في 2 ديسمبر 2019، جرى اغتيال العميد عدنان الحمادي، داخل منزله الكائن في منطقة “العين”، مديرية المواسط، جنوب تعز. وفي نهاية يونيو 2020، بدأ “الإخوان” حملتهم المليشاوية لمهاجمة “الحُجَرِيِّة”. ويوم 2 يوليو الفائت، فَجَّرت مليشياتهم مواجهات مع بعض أفراد اللواء 35 مدرع، في مدينة التربة، بعد أن هاجمت سيارة تابعة للواء، وقَتَلت نجل أحد ضباطه.

ترافقت التحشيدات المليشاوية لـ “الإخوان” مع تحرك رسمي غير معلن استخدموا فيه، كالعادة، سلطات رئيس الجمهورية الضعيف والرخو، وجعلوه يصدر، في 10 يوليو المنصرم، قراراً جمهورياً قضى بتعيين العميد عبد الرحمن الشمساني، الموالي لهم، قائداً للواء 35 مدرع. رفض أفراد اللواء القرار، وأشاروا إلى حيثيات عدة، بينها أن الشمساني كان من القيادات العسكرية التي حرَّضت على اللواء وقائدهم عدنان الحمادي. حَرَّك “الإخوان” محور تعز العسكري، وجعلوه يحشد قواته ويدفعها نحو “الحُجَرِيِّة” تحت مبرر تنفيذ قرار رئيس الجمهورية.

دفع “الإخوان” بآلاف المسلحين إلى “الحُجَرِيِّة”، وشرعوا في مهاجمة مواقع اللواء، ومنازل أبرز قادته وضباطه. وقاموا، في سياق ذلك، بمهاجمة منزل العقيد عبد الحكيم الجبزي، رئيس عمليات اللواء، واختطفوا ابنه، الدكتور أصيل، وأعدموه، صباح 22 أغسطس المنصرم، ومَثَّلوا بجثته. ذبحوا “أصيل”، وقَطَّعوا أجزاء من وجهه وجسده. لقد تصرفوا على طبيعتهم الحقيقية، فظهروا مجرد إرهابيين لا يختلفون عن إرهابيي “داعش” و”القاعدة”.

كانت الجريمة بشعة أكدت الطبيعة الإرهابية لحزب الإصلاح بشكل خاص، وجماعة الإخوان المسلمين بشكل عام. اللواء 35 مدرع قال، في بيان صدر عنه، إن ما أسماها “العصابات المسلحة” قامت بإعدام الطبيب الشاب أصيل الجبزي، “وقطع لسانه وأصابع يديه، وتشويه وجهه، والتمثيل بجثته، ورميها في أحد مصارف المياه في قرية “الحار” بعزلة الجبزية، مديرية المعافر، بعد يوم من اختطافه من منزل والده وأخذه إلى جهة مجهولة، وتعذيبه بشكل بشع”.

وأوضح البيان، أن المسلحين هاجموا منزل العقيد الجبزي “بمختلف أنواع الأسلحة”، واقتحموه واختطفوا منه الدكتور أصيل، واثنين من أقاربه، “وأخذوهم إلى جهة مجهولة”.

وأفاد البيان، أن أحد المختطفين اتصل بأسرته وأخبرها “أنهم أسرى لدى مجموعة تتبع القيادي وهيب الهوري، التابع للواء 22 ميكا، وأكد لأسرته أن الخاطفين يعذبون أصيل، وقد بتروا له إحدى أصابع يده”. واللواء 22 ميكا يقوده صادق سرحان، وهو موالٍ لحزب الإصلاح وعلي محسن الأحمر.

وقال البيان: “فور ذلك قام العقيد عبد الحكيم الجبزي بالتواصل مع قيادة محور تعز، وأطلعهم بالمعلومات التي وصلت عن حالة ابنه الحرجة، فأكدوا أن أصيل موجود وهو بالحفظ والصون، ونحن بيننا وبينك عيش وملح، ولن يحصل لابنك أي مكروه، إلا أن الجميع تفاجأ، صباح اليوم (22 أغسطس)، بجثة الطبيب أصيل مذبوحة ومرمية في السائلة، وعليها آثار تعذيب وحشية، تعد جريمة ضد الإنسانية”.

أمام ذلك “الإرهاب الإخواني”، فقدت “الحُجَرِيِّة” توقدها واستكانت.

في 8 أغسطس 2020، انتشرت مليشيات الحشد الشعبي، بشكل كثيف، على مدخل مديرية جبل حبشي. وصباح اليوم التالي، هاجمت المديرية، وتمكنت، في مساء ذات اليوم، من اقتحامها والسيطرة عليها. بعد ذلك بـ 12 يوماً، سيطرت مليشيات “الإخوان” على لواء العميد الحمادي، ومسرح عملياته الكبير والواسع: جميع “الحُجَرِيِّة” بشكل كامل.

مساء 22 أغسطس 2020، تمكن عبد الرحمن الشمساني من دخول مقر اللواء 35 مدرع، الكائن في منطقة العين، مسقط رأس الحمادي. وما حدث بعد ذلك مجرد تفاصيل.

لم يقاتل أفراد اللواء 35 مدرع لأنهم كانوا بلا قائد، ولأن أغلبهم منتشرون في جبهات القتال ضد مليشيا الحوثي. لهذا سرعان ما سقط اللواء، و”الحُجَرِيِّة” بشكل عام، في أيدي مليشيات “الإخوان”.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الهوامش:

1)) كانت هذه أول نقطة قتالية نصبها توفيق الوقار لقتال مليشيا الحوثي، عام 2015، في الجهة الغربية لمدينة تعز.
2)) ماجد وعمرو هما من ضمن أفراد إدارة أمن مديرية جبل حبشي، الذين لم يتم ترقيمهم (اعتمادهم كجنود رسميين ضمن قوائم وزارة الداخلية)، لأن “الإخوان” ظلوا، طوال السنوات الماضية، يتصرفون بحصة التجنيد المعتمدة لإدارة أمن المديرية، ويستولون عليها لتجنيد أشخاص من أتباعهم، بهدف حرمان توفيق الوقار من تجنيد أفراده بشكل رسمي في وزارة الداخلية. وقد مارسوا هذا الأمر بشكل أوسع مع العميد عدنان الحمادي، إذ استولوا كثيراً على حصة اللواء 35 مدرع من التجنيد، وتحدث الأخير عن ذلك في الحوار الموسع الذي أجرته معه “الشارع”. ماجد نعمان أصيب إصابة خطرة، فارق الحياة متأثراً بها، بعد أن ظل نحو 24 يوماً في مستشفى البريهي، حيث أجريت له أكثر من عملية جراحية دون فائدة.
[1])) كانت هذه أول نقطة قتالية نصبها توفيق الوقار لقتال مليشيا الحوثي، عام 2015، في الجهة الغربية لمدينة تعز.
[2])) ماجد وعمرو هما من ضمن أفراد إدارة أمن مديرية جبل حبشي، الذين لم يتم ترقيمهم (اعتمادهم كجنود رسميين ضمن قوائم وزارة الداخلية)، لأن “الإخوان” ظلوا، طوال السنوات الماضية، يتصرفون بحصة التجنيد المعتمدة لإدارة أمن المديرية، ويستولون عليها لتجنيد أشخاص من أتباعهم، بهدف حرمان توفيق الوقار من تجنيد أفراده بشكل رسمي في وزارة الداخلية. وقد مارسوا هذا الأمر بشكل أوسع مع العميد عدنان الحمادي، إذ استولوا كثيراً على حصة اللواء 35 مدرع من التجنيد، وتحدث الأخير عن ذلك في الحوار الموسع الذي أجرته معه “الشارع”. ماجد نعمان أصيب إصابة خطرة، فارق الحياة متأثراً بها، بعد أن ظل نحو 24 يوماً في مستشفى البريهي، حيث أجريت له أكثر من عملية جراحية دون فائدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى