تقارير

“أطفال السرطان” في صنعاء.. قضية تكشف هول الجرائم الحوثية بحق اليمنيين

عدن- “الشارع”:

كشف والد أحد الأطفال، من ضحايا العقار المنتهي الصلاحية، الذي أودى بحياة نحو 20 طفلا من مرضى السرطان في صنعاء شمالي اليمن، عن محاولة مليشيا الحوثي التستر على الجريمة، ومنع إثارتها إعلاميا وقضائيا.

ولقي نحو 20 طفلا حتفهم من أصل 50 آخرين من المصابين بسرطان الدم، بعد حقنهم بعقار منتهي الصلاحية، في مستشفى الكويت الخاضع لسيطرة الحوثيين في مدينة صنعاء.

وبحسب صحيفة “اندبندنت عربية“، فإن الطفل إسماعيل محمد صالح الخولاني “12عاماً” من محافظة إب، وسط اليمن، أحد الضحايا الأطفال الذين فارقوا الحياة، كان قد حقن بالجرعة في الـ 24 من سبتمبر (أيلول) الماضي، بعد سنوات من تضحية أسرته بكامل ما لديها مقابل علاجه.

ويقول والد الطفل إسماعيل إن طفله الذي يعاني مرض سرطان الدم، كان “يتلقى العلاج في مستشفى الكويت منذ خمس سنوات. وقد تماثل للشفاء وكانت حالته الصحية جيدة مكنته من العودة إلى المدرسة. وإنه تبقى له جرعة استكمالية واحدة فقط بحسب ما قاله الأطباء المشرفون على حالته”.

ويوضح الخولاني، أنه “في الـ24 من الشهر الماضي وصل إلى العاصمة صنعاء بهدف عمل الجرعة الاستكمالية لطفله، إلا أن المضاعفات كانت على غير العادة”.

ويضيف: “أثناء طريقنا للعودة للبيت أصيب الطفل بصداع وغثيان شديدين على غير العادة. تواصلنا مع الطبيبة المعالجة وأخبرتها بالمضاعفات، لكنها ردت قد تكون بسبب الجرعة وسجلت له مهدئات وعلاجا. لكن حالته كانت تسوء يوماً بعد يوم.

ويتابع: “بعد ثلاثة أيام من تناول الجرعة العلاجية للطفل اتصلت الطبيبة. وقالت لنا أرجعوا الطفل إلى المستشفى في صنعاء على وجه السرعة. بينما نحن في محافظة إب؛ لتفاجئنا أن الجرعة التي أخذها ولدي منتهية”.

ووفقا لكلام الخولاني، فإن التواصل بأولياء الأمور، جاء متأخرا، أي بعد تفاقم الحالة الصحية للأطفال الذين حقنوا بالدواء المنتهي، يومي 24 و25 من سبتمبر الماضي.

تفادي ردود الأفعال ومحاولة التنصل عن الجريمة

ويقول والد الطفل اسماعيل، “وصلنا المستشفى بينما الطفل كان قد دخل في غيبوبة، وفور وصولنا أخذوه إلى العناية المركزة. وبعدها تم تحويله مع عدد من الأطفال إلى مستشفيات مختلفة ومتفرقة، تفادياً لرد فعل أولياء الأمور”، بحسب تفسيره.

ويبيّن الخولاني، أن طفله اسماعيل توفي يوم الـ 28 من الشهر الماضي، في مستشفى فلسطين للأمومة بمدينة صنعاء. أي بعد خمسة أيام من حقنه بالجرعة المميتة.

العقار الذي حقن به الأطفال

ويضيف: “أصدروا لنا تصريح خروج مريض على الرغم من وفاة الطفل. ولم يكن تصريح خروج جثة في محاولة للالتواء على الوفاة وعدم الاعتراف بها. حتى لا يتحملوا التداعيات القانونية عن الوفاة وأسبابها”.

ويقول، إن الحوثيين، “لم يتخذوا أي إجراء ولم يصدروا تقريراً بسبب الوفاة. مما اضطررنا لأخذ الجثة ودفنها من دون أي اعتراف أو الحصول على تقرير عن حالة الوفاة أو حتى شهادة وفاة”.

وكشف والد الطفل اسماعيل، عن تواصل مدير مكتب وزير الصحة في حكومة الحوثيين غير معترف بها طه المتوكل، مع أسر الأطفال. بعد أن بدأ الإعلام ينشر ويثير قضية الأطفال.

وبحسب الخولاني، فإن مدير مكتب المتوكل قال لهم: “لا ترفعوا قضية. القضية قضيتنا وسنحاسب المسؤولين، أنتم اذهبوا إلى بيوتكم من دون أن تثيروا القضية ونحن نقوم بالواجب”.

ومع تواصل التصعيد الإعلامي وتناول القضية وإثارتها على نطاق واسع، خصوصا في مواقع التواصل الاجتماعي. حاولت المليشيا الحوثية مجاراة ذلك وأصدرت بيانا باسم وزارة الصحة. واعترفت فيه بوفاة عشرة أطفال من أصل 19 فقط، الذين حقنوا بالدواء الملوث حسب زعمها. في حين تؤكد العديد من المصادر الطبية المتطابقة وفاة نحو 20 طفلا من أصل 50 آخرين حقنوا بالدواء المنتهي.

كما حاولت مليشيا الحوثي، التهرب من مسؤوليتها عن هذه الجريمة، بإلقاء اللائمة على الأسر التي قالت إنها هي من اشترت العلاج من إحدى الصيدليات الخاصة في شارع الزبيري. وفق ما نقلته وكالة (سبأ) بنسختها الحوثية، خلال زيارة المتوكل للأطفال الذين لايزالون في العناية المركزة بمستشفى الكويت أمس الجمعة.

بيد أن المصادر الطبية تفيد، بأن الدواء الذي حقن به الأطفال من مرضى سرطان الدم، منتهي الصلاحية، وجرى صرفه عبر “مؤسسة بلدنا للإغاثة والتنمية”، و”صندوق مكافحة السرطان”، وهما من الكيانات التابعة للحوثيين، التي أشئتها المليشيا الحوثية للاستحواذ على المساعدات الإغاثية والإنسانية، وتبيعها في السوق السوداء.

ولم تتوانى المليشيا الحوثية، في توظيف واستغلال قضية الأطفال الضحايا ومعاناة أسرهم كورقة ابتزاز، بإرجاع السبب إلى “الحصار” وإجراءات التحالف العربي التي يتبعها في فرض قيود على المنافذ البحرية والجوية، تنفيذا لقرارات الأمم المتحدة في مراقبة تدفق الأسلحة المهربة للمليشيا ومنعها.

في السياق، اتهمت المنظمة اليمنية لمكافحة الاتجار بالبشر، مليشيا الحوثي بالتستر على الجريمة، ومنع نشر أي معلومات عنها.

وطالبت، في بيان لها، الخميس، المنظمات الدولية بالنزول إلى مستشفى الكويت وإجراء تحقيق مستقل حول الجريمة، وكشف المتورطين ومحاكمتهم.

في غضون ذلك، أبدت نقابة “ملاك الصيدليات”، في صنعاء، استغرابها من عدم شروع النيابة  المتخصصة والنائب العام الحوثي في التحقيقات بقضية الأطفال مرضى السرطان. وفق ما نقلته الاندبندنت.

وقالت النقابة، إن “الملف لم يحل للنيابة بحكم أنها قضية مهنية، وهذا صحيح ما لم يكن هناك جريمة أو جناية. لكن بوفاة الأطفال أصبح المجلس التأديبي الصحي غير كاف. لذا لا بد من تحويل الملف للنائب العام ليوجه بالبدء بالتحقيقات”.

العقار ينتشر في مناطق الشرعية

إلى ذلك، كشف وزير الصحة العامة والسكان في الحكومة الشرعية قاسم بحيبح، عن انتشار العلاج في المناطق المحررة، عبر صنعاء.

وقال في تغريدة على حسابه في تويتر، اليوم السبت، “لدينا بالمحافظات المحررة حالتين فقط في مركز لعلاج السرطان في سيئون (بمحافظة حضرموت) استخدمتا نفس التشغيلة القادمة من صنعاء”.

تعميم الهيئة العليا للأدوية في الحكومة الشرعية

وأوضح، أن الحالتين، “دخلتا بمضاعفات. وأن الحالة الصحية لهم في تحسن مستمر”.

وأضاف بحيبح، أن “الوزارة تتابع الحالة الصحية لمرضى الأورام والتحقيق بالحادثة واتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة ومنع تكرار حوادث كهذة”.

وفي تغريدة سابق، أمس، قال وزير الصحة، “بكل أسف تابعنا ما حصل من مضاعفات لأطفال مرضى السرطان بصنعاء. نتيجة لاستخدام لدواء “الميثوتركسات 50 مجم”، ووجهت الوزارة الهيئة العليا للأدوية باتخاذ اللازم والتحقيق.

وأوضح، أن “الهيئة عممت بوقف استخدام الدواء وسحب التشغيلة المتهمة “ميثوتريكس” وتحريزها وفحصها، وأن التقارير تشير إلى أنها مهربة”.

وشدد تعميم الهيئة العليا للأدوية، على منع استخدام الصنف methotrexate التابع لشركة Celon الهندية، وهو الدواء المنتهي. الذي أودى بحياة الـ 20 طفلا من الأطفال المصابين بالسرطان.

ارتباط حوثي وثيق بعصابات التهريب

وكشفت وكالة “أسوشيتيد برس”، الإخبارية، في تقرير لها، عن ارتباط قيادات حوثية، سرا بشبكات وعصابات تهريب الأدوية إلى اليمن. وهو ما يفسر محاولة المليشيا التستر وتمييع هذه القضية

ونقلت الوكالة الأمريكية، عن مصادر طبية في صنعاء قولها: إن مسؤولين حوثيين يعملون سرا بالشراكة مع مهربي الأدوية الذين يبيعون في كثير من الأحيان أدوية منتهية الصلاحية لعيادات خاصة من مخازن منتشرة في جميع أنحاء البلاد.

وأوضحت المصادر الطبية، أن الحوثيين بارتباطهم بشبكات وعصابات تهريب الأدوية، “يحدون من توافر العلاجات الآمنة”.

ونقلت الوكالة، عن والد أحد الأطفال المتوفيين، قوله: إن “أسوأ شيء هو أن إدارة المستشفى حاولت إخفاء الحقيقة عنا”.

متاجرة بمعاناة المرضى

وعمدت مليشيا الحوثي، منذ انقلابها، على إحكام سيطرتها على تجارة الأدوية والتحكم في سوق الأدوية وتوريدها وتوزيعها عبر شركات تابعة لها تديرها وتشرف عليها قيادات حوثية عليا.

كما تحكم المليشيا الحوثية سيطرتها على مؤسسات الدولة ذات العلاقة بالصحة والأدوية. المسؤولة على توريد الأدوية والموافقة على مواصفاتها ومنح تصاريح دخولها.

وانتشرت مؤخرا، وفق ما تؤكده مصادر طبية، في صنعاء أدوية فاسدة ومنتهية الصلاحية، أغلبها مهربة في العديد من صيدليات المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيا، والمحررة أيضا.

واتهم ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، مليشيا الحوثي، بالمتاجرة بأدوية مهربة وأخرى بياناتها مزورة ومنتهية الصلاحية.

وبحسب الناشطين، فإن مليشيا الحوثي، استبعدت كافة الكوادر المؤهلة والنزيهة من الهيئات الحكومية التي لها علاقة بالأدوية، وأحلت بدلا عنهم أشخاص من الموالين لها وغير مؤهلين لتسهيل عمليات متاجرتها وتحكمها في سوق الأدوية.

كما أن الرقابة، وفقا للناشطين، تنعدم تماما على سوق الأدوية، وأن قيادات حوثية عليا هي من تتولى الإشراف والمتاجرة والتحكم في سوق الأدوية واستيرادها.

ووفق إحصائية الهيئة العليا للأدوية، للعام الماضي، فإن فاتورة استيراد الأدوية بلغت نحو 88 مليار ريال سنوياً، فيما يبلغ عدد الأدوية المسجلة في اليمن 20 ألف صنف. كما أن أسعارها ارتفعت بنسبة تجاوزت 200 في المائة، بسبب الجبايات التي تفرضها الميليشيا الحوثية وانهيار العملة المحلية.

وتشير هذه البيانات، إلى زيادة نشاط تهريب وتزييف الأدوية بشكل كبير، خلال السنوات الخمس الماضية. حيث تمتلئ الأسواق بأصناف كثيرة من الأدوية المزورة والمقلدة. منها أدوية تستخدم في علاج السرطان والأمراض المزمنة، التي يتم إدخالها بمشاركة الحوثيين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى