في مواجهة قبح الحرب وآثارها الموجعة على الإنسان، نجحت مبدعات شابات من اليمن في إثارة اهتمام العالم وتعاطفه مع مأساة مستمرة منذ 8 سنوات.
ونجحت المبدعات اليمنيات في حصد جوائز عالمية رفيعة، تعبيرا عن نجاحهن في نقل آلام اليمنيات إلى الساحة الدولية.
الفنانة التشكيلية هيفاء سبيع فازت بجائزة «سيدر أوورد» للعام 2022 من مؤسسة الأمير كلاوس الهولندية تقديرا لأنشطتها الفنية الداعمة لقضايا النساء والأطفال في أثناء فترة الحرب، كما فازت الفنانة التشكيلية اليمنية شذى التوي بجائزة «المرأة الإسكتلندية”.
توضح هيفاء سبيع، أن الجوائز التي تمنح للفنان تدعمه، وتشكل حافزا معنويا للاستمرار، لكن الجائزة الحقيقية بالنسبة لها أن يتم النظر للقضايا التي تناقشها بجدارياتها، وأن يقابل هذا الأمر بتحرك صادق من قبل صناع القرار لإنهاء الحرب في اليمن، ومعالجة الوضع الكارثي الذي يعيشه اليمنيون .
وتضيف: “الحرب في اليمن تبعاتها وخيمة على الجميع، فالنساء والأطفال أكثر المتضررين، مشيرة إلى أنها بصفتها مواطنة يمنية وفنانة تعانى كجميع النساء ، كان يجب أن تكرس الفن ليقوم بدوره في هذا الظرف الصعب لنقل الواقع الحاضر بشكل يظهر المأساة الحقيقية”.
وترجع هيفاء سبيع الفضل في حراكها الفني بالشارع إلى شقيقها الفنان مراد سبيع الذى شجعها على المشاركة في حملاته الفنية الميدانية عام 2012، ثم أطلقت حملتها الشخصية عام 2017.
كما توضح، أن الفن كان حكرا على المعارض وفئة قليلة من الناس، لكن فن الشارع جعل من الرسم معارض مفتوحة لكل المارة والمواطنين، وأصبحت القضايا تناقش أمام الناس ودون عوائق، مؤكدة على أن رسالتها بالرسم تنشد السلام.
وقالت: “نحن شعب جميل يستحق حياة كريمة ودولة تحافظ على كرامة مواطنيها، ما أنتجته الحرب من مآسٍ لا حصر لها كانت كفيلة بتدمير كل شيء، لقد تعبنا من الحرب كثيراً؛ وآن الوقت لكي تتضافر جهود اليمنيين لإنهاء هذه الحرب اللعينة”.
وذكر بيان صادر عن مؤسسة صندوق الأمير كلاوس الهولندية، أن “أعمال هيفاء سبيع تركز على قضايا حقوق الإنسان والوصول إلى التعليم والسلام والاستقرار، وإنها رسمت الجداريات في شوارع صنعاء بمفردها ثم مع مجموعات مختلفة من النساء والأطفال، وذلك قبل دعوتها للمشاركة لرسم سلسلة من الجداريات في بينالى سنغافورة عام 2019”.
وتركز جداريات سبيع على قضايا الحرب، وهموم الأطفال غير القادرين على الذهاب إلى المدرسة، والنساء اللواتي ليس لديهن حقوق، وضحايا العنف المنزلي.
وهيفاء سبيع ليست وحدها على قائمة التقدير الأوروبي للفنانات اليمنيات، فقد فازت الفنانة اليمنية الشابة شذى التوي، بجائزة المرأة الاسكتلندية، تكريما لمساهمتها البارزة في مجال الفن والثقافة ونقلها معاناة اليمن واليمنيات بريشتها خلال معارضها.
وتصدرت التوي، المركز الأول بين آلاف المشاركات بعد إقامتها العديد من المعارض الفنية والتعريفية، وفي يوليو 2021، فازت شذى التُوي بالمرتبة الأولى بجائزة «جون بيرن» في إسكتلندا، وتم اختيار لوحاتها من بين 300 لوحة مشاركة.
ووصلت شذى التوي إلى إسكتلندا من اليمن مطلع العام الماضي بعد حصولها على جائزة زمالة من صندوق حماية الفنان، وعملت بصفة زميلة في المعهد العالي للعلوم الإنسانية.
وتعكس شذى جوانب من الحياة في مجتمعها اليمنى من خلال سلاسل لوحاتها التجريدية التي يغلب عليها الطابع الرمزي والتكعيبي .
تقول شذى التوي، وهي من مواليد “شبام” محافظة “حضر موت”، إنها تسعى إلى تسليط الضوء على بعض الإشكاليات كالنازحين، والمرأة، والتعايش من خلال نشاطها التوعوي وعملها في منظمة “آرت 27 إسكتلندا” كفنانة مقيمة.
وتوجه شذى رسالة للفئة الشابة في بلادها، وخاصة الشباب، فتقول: “كونوا سنداً لبعض، وابتعدوا عن السياسة والطائفية، لا تدعوا تجار الحرب يلعبوا بكم كما لعبوا بالأجيال السابقة، وتكرروا أنفسكم وكونوا أنتم التغيير”.
وتتابع: “أعلم بأن المعوقات كثيرة، ولكن علينا الإيمان بأحلامنا والسعي وراء تحقيقها بكل السبل، فالضوء الذي يسطع في عتمة الطريق يخبرنا دائما أن نستمر مهما يكلف الأمر”.